ياسين اقطاي يكتب: في الذكرى السنوية ال21 لتاسيس حزب العدالة و التنمية

profile
د.ياسين أقطاي أكاديمي ومفكر سياسي
  • clock 16 أغسطس 2022, 6:25:49 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

مضى 21 عاما على تأسيس حزب العدالة والتنمية. في 14 أغسطس/آب من كل عام، تقام فعاليات مختلفة للاحتفال بالذكرى السنوية لتأسيس هذا الحزب العريق. لا يقتصر الأمر في كل عام على أنه احتفال بالتأسيس لكنه يأخذ في كثير من الأحيان شكل تقييم عام للوضع العام لحزب العدالة والتنمية. وبالتالي، فإن الحزب يكون لديه الفرصة كل عام للنظر فيما مضى والمسافة التي قطعها في آونته الأخيرة والمسافة التي قطعها منذ البداية حتى الآن، مقيماً معها الأهداف والغايات والإنجازات والأخطاء والأولويات والآمال وآفاق المستقبل أيضاً.

وكما قلنا من قبل، قد لا يكون 21 عامًا وقتًا طويلاً جدًا بالنسبة لحزب سياسي، لكن حزب العدالة والتنمية الذي قضى ما يقرب من 20 عامًا في الحكم وحده، خلق تجربة ونموذجًا فريدًا للغاية النبيلة الحقيقية المتعلقة بالأمة من كل الجوانب، وقد اختبر حزب العدالة والتنمية هذه العملية بشكل مكثف للغاية، على مدى السنين الماضية وأثبت جدارة فيها حيث كان المسؤول الأول والأخير والوحيد عن الأمة التركية ومسؤولياتها في الوقت الذي سعت فيه جهات عديدة لإفشاله.

وفي كل ذكرى سنوية يصل إليها الحزب؛ فإنه يكون قد وصلها من خلال تجربته لأحداث ومواقف بالغة الأهمية يكون -بوجه عام- قد استطاع التغلب عليها بنجاح، لكن كل ذكرى سنوية تحقق رصيدًا للحزب أكثر من الذكرى السابقة، فيوجد الآن تاريخ ضخم لحزب العدالة والتنمية، لأنه لدينا الحزب الذي أدار السنوات الـ 20 الماضية من تركيا، ووضع توقيعه على كل شيء فيها، سواء الإجراءات والمشاريع والبرامج الإيجابية أو السلبية.

في الاقتصاد التركي الذي يديره حزب العدالة والتنمية؛ بلغ التضخم أعلى مستوى له في سنوات حكم الحزب، وهذا له آثار خطيرة على حياة الناس العاديين، ومعظم أولئك الذين يجرون التقييمات، نيابة عن حزب العدالة والتنمية؛ متأثرون بالجو الناجم عن هذه الخسارة، ولهذا يبدؤون في إعادة كتابة تاريخ حزب العدالة والتنمية

وربما كان من الممكن تفسير سبب العديد من السلبيات التي حدثت في الأيام الأولى من خلال الربط بين الحكومات السابقة والوضع الراهن ونظام الوصاية الذي حاول السابقون فرضه على حزب العدالة والتنمية ووضعه في مقارنات وسياقات تهدف إلي إفشاله، ولكن لم يعد هناك مثل هذه الطريقة بعد الآن، فعلى الرغم من أن فترة الـ 20 عامًا من السلطة لا تحول دون فخر الحزب بجميع الإجراءات الإيجابية المتخذة؛ فهي فترة ستمنع تقديم الأعذار لما لم يستطع عمله؛ بغض النظر عن نوع المشاكل التي مرت بها في فترة الـ 20 عامًا هذه، ونوعية هذه المشاكل التي كان يعاني منها.

لهذا السبب؛ فإن مهمة حزب العدالة والتنمية أصعب بكثير مما كانت عليه في الماضي، لأنه يتعين عليه الآن الاستجابة لتوقعات مختلفة، توقعات أكبر كثيراً بعد النقلة التي قام بها في مختلف أرجاء البلاد، مثل أنه ينبغي أن يكسر إنجازاته السابقة، والواقع أن هذا الشرط موجود منذ 5 أو 6 سنوات على الأقل، ولأن حزب العدالة والتنمية كان يتنافس ويتسابق ضد نفسه لفترة من الوقت؛ فهو بحاجة إلى طرح ممارسات وسياسات أفضل من إجراءاته وسياساته السابقة حتى لا يعطي شعورًا بأنه يتراجع.

في الواقع -كما قلنا من قبل- فإن القاعدة العامة في التأريخ صالحة أيضًا لحزب العدالة والتنمية؛ حيث يعاد كتابة التاريخ كل يوم وكل لحظة، وقد تمت إعادة كتابة الماضي في ضوء الأحداث الحالية. لذلك؛ فكما تمت كتابة تاريخ الـ 20 عامًا في ضوء الأحداث التي يكون قد مر بها الحزب في ذكرى تأسيسه، فقد برز حزب العدالة والتنمية كممثل في تاريخ الـ 20 عامًا ذلك، ولهذا فقد ظهر ربط مختلف تمامًا عند كتابة تاريخ حزب العدالة والتنمية اليوم.

 

لا يزال حزب العدالة والتنمية هو الحزب الأول في البلاد حتى الآن، ولا يزال زعيمه على رأس البلاد، ويصل الحزب إلى السلطة من خلال زيادة أصواته في كل مرة؛ لأن الأشياء التي قام بها لمدة 20 عامًا فرح بها الشعب بشدة، وأثرت في حياته وهذا ما كان يدفعهم إلى إعطائهم أصواتهم مرة ثانية وثالثة

فهذا هو الملتقى الذي خسر فيه حزب العدالة والتنمية انتخابات محلية لأول مرة في إسطنبول وأنقرة. بالإضافة إلى ذلك؛ ولأول مرة في الـ 20 عامًا الماضية، تكشف حالة الاقتصاد عن مثل هذه المؤشرات الثقيلة، ففي الاقتصاد الذي يديره حزب العدالة والتنمية؛ بلغ التضخم أعلى مستوى له في سنوات حكم الحزب، وهذا له آثار خطيرة على حياة الناس العاديين، ومعظم أولئك الذين يجرون التقييمات نيابة عن حزب العدالة والتنمية متأثرون بالجو الناجم عن هذه الخسارة، ولهذا يبدؤون في إعادة كتابة تاريخ حزب العدالة والتنمية، وهذا ليس وضعًا غريبًا للغاية؛ حيث إنه يتماشى مع طبيعة العمل السياسي، وطبيعة المهمة التي أخذها الحزب على عاتقه من أول يوم، ولكن من المهم ومن الحكمة أثناء القيام بهذه العملية من الحكم، لا ينبغي للمرء أن قاسيًا في حكمه، فعندما يتم إجراء هذه التقييمات؛ لا ينبغي أن ننسى أن حزب العدالة والتنمية منذ 20 عامًا لم يكن في السلطة، وأنه ظل في السلطة طيلة هذه السنين مع تأكيد الشعب وموافقته وتصويته.

لسوء الحظ؛ تم نسيان هذا الجانب من الأمر عندما تم التأريخ للحزب هذه المرة، فبعد 21 عامًا؛ تبرز الجهود المبذولة لوضع قصة حزب العدالة والتنمية بالكامل في سياق النتائج على أساس خسارة إسطنبول وأنقرة، وتقليصها إلى بعض المؤشرات السلبية في الاقتصاد.

لا يزال حزب العدالة والتنمية هو الحزب الأول في البلاد حتى الآن، ولا يزال زعيمه على رأس البلاد، ويصل الحزب إلى السلطة من خلال زيادة أصواته في كل مرة؛ لأن الأشياء التي قام بها لمدة 20 عامًا فرح بها الشعب بشدة، وأثرت في حياته، وهذا ما كان يدفعهم إلى إعطائهم أصواتهم مرة ثانية وثالثة، وهذا هو أوضح مؤشر على أن الحوار مع الجمهور قوي للغاية، وذلك على الرغم من أن أفعاله ليست كلها إيجابية، فبالطبع؛ ليس هناك ما يضمن استمرار ذلك إلى الأبد.

ولا يمكن لأحد أن يقول إن التحالف بين الشعب والحزب، الذي استمر حتى الآن بفضل قوة هذا الحوار؛ سيستمر رغم إضعاف هذا الحوار، فلا بد من البقاء على مقربة من الشعب، وتمثيل الشعب، والاستمرار في أن يكون الحزب صورة من الشعب نفسه، والحفاظ على التواضع، والتقييم المستمر والعودة إلى الاعتدال إذا تم التخلي عنه.

ومع ذلك؛ فمن الحقائق أيضًا أن حزب العدالة والتنمية لا يزال لديه فرص أقوى، وثقافة وقنوات أكثر ملاءمة من جميع الأحزاب والتشكيلات السياسية لمواصلة هذا الحوار، وستتم عملية التأكيد على كيفية تشغيل هذه القنوات بأكثر الطرق نشاطًا وكفاءة بالطبع.

 

وما أريد أن أعبر عنه هنا هو أنه أثناء تقييم حزب العدالة والتنمية في ضوء بعض التطورات الحالية؛ فقد تم تجاهل التاريخ المكتوب في الماضي فجأة. ومع ذلك؛ فقد طرح حزب العدالة والتنمية صراعات وإجراءات مهمة للغاية في الـ 20 عامًا التي أمضاها في السلطة، ففي البداية؛ سلك طريقًا لا رجعة فيه لإضفاء الطابع الديمقراطي على تركيا من خلال كفاحه ضد الوصاية العسكرية ووصاية الدولة العميقة.

لقد عاش الحزب أهم وأصعب صراع ضد منظمة فتح الله غولن الإرهابية، ولا أحد غير حزب العدالة والتنمية وزعيمه، رجب طيب أردوغان، أمكنه -ولن يكون بإمكان أحد- أن يخوض المعركة ضد هيكل الدولة الموازي الذي اجتاح البلاد مثل السرطان لمدة 50 عامًا، ولو لم يحدث هذا النضال؛ لكانت تركيا بالفعل تحت الاحتلال ولم يكن أحد على علم به.

وتُظهر جميع الأحداث التي مررنا بها ونمر بها ما يكفي أن منظمة غولن الإرهابية ليست فقط الشخص المقيم في ولاية بنسلفانيا؛ حيث إنه مجرد أداة لأولئك الذين يريدون إبقاء تركيا تحت وصاية الاحتلال، وبالتأكيد فإن أولئك الذين يستخدمون هذه الأداة لا يستسلمون أبدًا.

وحتى عندما يُنظر إليه فقط من حيث التاريخ والحالة الحالية لهذه النضالات، يُرى أنه في عامه الـ 21، لا يزال لحزب العدالة والتنمية مهمة لا يمكن نقلها إلى أي شخص آخر ولا يمكن إفسادها.

 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)