نجلاء محفوظ تكتب: أخطاء شائعة عن القوة النفسية

profile
  • clock 23 ديسمبر 2022, 3:41:51 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

لا أحد يتمتع بها طوال الوقت، تخفت وقد تتعرض “لهزات” عنيفة -أحيانًا- بعد صدمات غير متوقعة من أحد المقربين أو أزمات حادة، إنها القوة النفسية، وبعيدًا عن التعريفات العلمية “الجافة” نرى أنها ضد العجز وترتبط بالرغبة “الحاسمة” في العيش بأفضل ما يمكن، والقدرة على التصرف، وأن يكون الإنسان أقوى من رغباته ومن عاداته، ويمنع سيطرة الـ“غير” والظروف على العمر واحترامه، وعدم السماح بضياعه “والتشبث” دومًا بالتحكم به بأيدينا “واسترداده” فور تسربه، ورفض الانحناء للضغوط “ونوقن” بالقول البديع: “ما لم تنحن لن يستطيع أحد امتطاء ظهرك”.

نتفق مع الرائع دوستويفسكي القائل: “احتاج للقوة، بغيرها لا يصل المرء لشيء، والقوة لا تنال إلا بالقوة هذا ما لا يعرفونه”، فصنع القوة النفسية يزيدها والعكس صحيح.

لعنة التبرير من أعداء القوة النفسية، وكذلك “توهم” صعوبة النهوض من الأزمات “والأبشع” إلقاء النفس في هاوية اليأس من النجاة، كمريض يخاف من علاج جرح ويتركه، فيضطر للبتر، ومن أجمل الأمثال “الداعمة” للقوة النفسية: “وجع ساعة ولا كل ساعة”.

تنقص القوة النفسية عند المرض والمحن وموت من نحب أو مرضهم، فنشعر ببعض الضعف، وعندما نستسلم له ينهكنا، وإذا تأخرنا في طرده يتمكن منا، والاستسلام دومًا “اختيار” وليس قدرًا.

الأخطاء الشائعة:

من أعداء القوة النفسية مصاحبة من “يتلذذون” بنشر الإحباط، ومتابعة منشوراتهم على وسائل التواصل، وكأننا نتنفس بكامل إرادتنا أدخنة “مسمومة”، ثم نتساءل أين راحت قوتنا وإرادتنا؟

من الأخطاء الشائعة أن الأقوياء نفسيًا لا يكتئبون، وإذا حزنوا فسريعًا ما يقهرونه، ولا تنتابهم مشاعر القلق والتوتر والاضطراب والخوف والإحباط والتردد، ولا يبكون ويتلقون المشاكل “كالجبال”، ولا يتأثرون -وإن تأثروا- فلوقت قليل جدًا، ولا ينهارون أبدًا ولديهم دائمًا خطط بديلة، “ويتنفسون” السلام والرضا والفرح دومًا، ولا أحد بالكون كذلك.

وكأن القوي جسديًا لا يُصاب بالبرد أو بكورونا وغيرهما، فالجميع معرضون للإصابة، والمهم كيف نتعامل بعدها؟ هل نفزع ونبدد قوتنا النفسية أم “نتماسك” ولو قمنا بتمثيلها؟

من “يختارون” القوة النفسية ويأخذون بأسبابها عندما تهتز قوتهم كأي سفينة عند مواجهتها لأمواج عاتية، لا يرثون لأنفسهم -وإن فعلوا- لا يطيلون ذلك، ولا يقارنون حياتهم بحياة الآخرين “إلا” للاستفادة من تجاربهم، ولا يتعجلون البحث عن العون الخارجي وكأنهم كمن يستطيع السير وحده ويبحث عمن يستند عليه، “ويسارعون” بتهدئة أنفسهم أولًا بتذكير النفس بأن الرحمن يحفظهم، وأن تقليل الخسائر “بأنواعها “مكسب” والفوز باستراحة محارب، “والاهتمام” بتجنب ما يضاعف أوجاعهم، وتذكير النفس بأنها “مؤقتة” وتذكر انتصاراتهم السابقة والفرح بها -وإن قلت- والانشغال بأي أمور يدوية ولو ترتيب أغراضهم، فالعمل اليدوي يهدئ العقل ويمنح الفرح بالإنجاز.

من الخطأ الشائع الزعم بأن بعضهم يولد بقوة نفسية، لتبرير “لخطيئة” إضعاف النفس والادعاء باحتكار جنس للقوة النفسية أو ارتباطها بسن الشباب وتضاؤلها بعده، أو أن كثرة الأحداث المؤلمة “تأكل” القوة النفسية، فالمؤكد أننا نستطيع زيادتها “بشرط” رفض الشعور بسوء الحظ وزرع بالقلب والعقل، وأن الأمور كانت يمكن أن تكون أسوأ، وكما قال هوجو: “الألم ثمرة لا يضعها الله أبدًا على فرع ضعيف”، ولا نطلب الفرح بالألم واحتضانه بالطبع، وننبه فقط لمنع الانطفاء “والانكفاء” نفسيًا بسببه.

التعامل مع الامتنان

الضعف النفسي ليس ابتلاء كما يروج بعضهم، بل اختيار، فالقوة النفسية كأي قوة “لا” نعثر عليها مصادفة، ولا تأتينا لأننا “سألنا” عن الطريق لاكتسابها فقط، ويجب التخطيط للفوز بها وتحويل الخطة لواقع “والتنبه” لإغلاق الأبواب كلها التي تمنع “تمتعنا” بها.

من أهمها تعجل النتائج أو توقع “تغيير” تفكير أو تصرفات من نتعامل معهم، “والأذكى” تغيير ردود أفعالنا ومنع الاسترسال بالضيق من “غباوات” بعض البشر وغباراتهم التي يلقون بها علينا من حين لآخر والتشاغل عنها بما ينفعنا.

ونتجنب –أو نضع حواجز نفسية- عند اضطرارنا لصحبة من “يختارون” السلبية وتضخيم المعاناة التي لا تخلو منها أي حياة، ونتشاغل عنها بما يضيف لنا، فالفراغ “أخبث” عدو، فيجعلنا نبالغ في التفكير في الضغوط ليس لحلها بل للانبطاح أمامها، بينما “تناسيها” ولو قليلًا يخفف من حدتها ويمنحنا “استراحة” نحتاجها جميعا بشدة.

يضاعف الامتنان القوة النفسية فتذكرنا بما لدينا فيجعلنا أفضل وأقوى وأقل شعورًا بالإحباط؛ فما حصلنا عليه سابقًا وبعضه لم “نتوقعه”، سيجعلنا أكثر تفاؤلًا بما نتمناه اليوم وأقل تعجلًا وأكثر صبرًا على ما نكره.

نود التعامل مع الامتنان كـ”ضرورة” وليس كرفاهية؛ فغيابه يقلل المناعة النفسية والصحية ويضعف القدرات ويخصم من النجاح “والزهوة” والقوة النفسية، والعكس صحيح.

لا شيء يسرق القوة النفسية ويبددها كالاستسلام للإحباط الذي “يضعف” الإرادة “وينهك” الجسد، ويجعلنا “نتأثر” بشدة بأي موقف لا يستحق اهتمامًا.

يقال عن حق، “الأوضاع التي تفرض علينا لا يجب أن تشل إرادتنا، بل تفرض علينا حسابات أدق”، ونود تذكر أن لا أحد يصبح ضعيفًا نفسيًا فجأة، بل “يسمح” بتسربها بتوهم أنه لن يستطيع مواجهة ما يكره أو يتعامل معه كتحد وامتحان ومسألة كرامة أو حياة أو موت، والاستنفار “الزائد” يصنع الهزائم لا الانتصارات، فالأفضل المواجهة “بهدوء” نفسي وهو من أهم أسلحة القوة النفسية، وبإمكاننا تمثيله حتى يصبح واقعًا “والاستمتاع” بإضافة خبرات جدية لأنفسنا والاحتفال بنجاحنا وإن لم نحدث الاعتزاز بالمحاولة، والتعامل بمنظور نفسي جديد يمنحنا القوة “ويوقف” استنزافنا نفسيًا.

لنحظى بالقوة، يجب تنقية علاقاتنا الإنسانية “وطرد” ما يخصم منا وتدعيم ما يضيف والتخلص التدريجي بما يخصم بلطف وبحزم ودون تراجع، وتجنب الخطأ البشع بالبحث عمن “يمنحنا” القوة النفسية، وكأننا “نستطيع” التنفس ونعتمد على أسطوانات الأكسجين؛ فكلنا نستطيع “صنع” قوتنا النفسية وطرد الإنهاك النفسي بعيدًا، الذي “يستنزف” من يوهمون أنفسهم بالضعف النفسي.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)