كتب محمد حماده: العقيدة العسكرية المُحدّثة للاحتلال “دفاع، هجوم واقتصاد”

profile
  • clock 11 أبريل 2022, 6:04:55 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

ليس هذا هو التراجع الأول في أيديولوجية جيش الاحتلال وفكره العسكري للتعاطي مع ما يسميه المخاطر الأمنية، فبعد أن تمترس لحينٍ من الدهر خلف تلك الأركان التي وضعها له بن غوريون (إنذار، ردع وحسم)، وزعم وقتها أنه كجيش وككيان لا يمكن أن يسمح لنفسه بأن يكون في موضع الدفاع ولا بأي حال من الأحوال.

فهو أمام أعدائه وخاصة الدول العربية المجاورة يجب أن يظل مبادراً يده هي العليا ويشكل حالة رعب وردع وجيشه جيشٌ لا يقهر.

نجح الاحتلال بالحفاظ على هذه التخريجة ذلك عندما كانت مواجهته مع تلك الدول لكنه لم يلق بالاً لماردٍ نما بين أحشائه وفي مخيمات اللجوء التي كانت من صنيع يده وفي قرى ومن فلسطين وظل إلى وقت ما يتعاطى مع تنامي ثورات الشعب الفلسطيني على أنها فَوْرة هاوٍ لا تلبث أن تنكسر.

وظل الاحتلال يُقاد بهذه العنجهية والكِبر حتى جاء من حطم هذا الكبرياء هذا الوهم وكسّر رأس المحتل فوق قمم جبال فلسطين إلى رمالها وسهولها وعبثاً حاول الاحتلال المحافظة على أركان عقيدته العسكرية الأولى كما هي وفشل في الإبقاء عليها بعد أن كان أقسم أن يُحدِث فيها تغييراً.

المواجهة الضارية التي نفذّها أبطال فلسطين في انتفاضة الأقصى كانت واحدة من المراحل المهمّة من عمر الثورة الفلسطينية والتي وضعت الاحتلال أمام حقائق جديدة: “جيشك يُقهر”، “أمنك يُخترق”، “أذرعك أقصر مما تتصور” وهكذا رويداً رويداً تسللت الحقيقة إلى وعي هذا المحتل ولا أقول الهزيمة فهو مسكون بالهزيمة منذ البداية ولكنها بعض الظروف هي التي منحته مرآةً مغشوشة أبصر من خلالها نفسه كقوة عظمى حتى دبّت في الأرض أقدام الميامين من أبناء الشعب الفلسطيني منذ فجر الثورة وحتى اليوم ومن كل أطياف وألوان الشعب فقلبت فوق رأس المحتل المجنّ  وجعلته يسارع إلى إضافة ركن الدفاع إلى عقيدته العسكرية.

لكن مشوار الانكسار لم يتوقف وهذا وعدٌ قطعته أبناء فلسطين على أنفسهم أن يجعلوا من هذا العدوّ عبرة قبل أن يرغموه على الرحيل وفي الوقت الذي تلهث دول لها اقتصاديات وجيوش خلف التطبيع مع المحتل أو إرضاءه ببعض المواقف يتقدم بعض الفتية الأسود من أبناء جنين ليدفعوا الاحتلال إلى الرجوع في عقيدته العسكرية أكثر فأكثر. وبات الاحتلال يتوعد الفلسطينيين اليوم بعمليات ثلاثية الأهداف (دفاع، هجوم واقتصاد).

الجيش المزعوم والذي لم يكن يسمح أن يُرشق بحجر قبل سنوات طوال بات اليوم يهدد الشعب الفلسطيني بالتجويع بعد أن أفلست كل محاولاته في كسر إرادة شعبنا الفلسطيني يريد اليوم أن يجوّع جنين ويمنّي نفسه بالوهم إذ يعتقد أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تردع بقية المدن الفلسطينية فيُحجم أبناؤها عن المقاومة.

خبت وخاب تقديرك وشعبنا الفلسطيني الذي عانى من كل أنواع العذاب بما فيها التجويع والحصار لن يُعطيك الدنية اليوم ولن ترى منه إلا كل عزيمة وثبات وأبطال جنين اليوم ليسوا وحدهم في الميدان، لقد عرف الاحتلال كيف يكون الصمود الفلسطيني عندما شن حروبه على غزة المحاصرة وقتل فيها ودمّر وكان يظن أنه سيكسر فيها عزيمة المواجهة وإرادة المقاومة لكنها وهي العصيّة على الكسر والتي نبت فيها الأبطال حتى داسوا فوق رؤوس ضباط جيش الاحتلال ضربت أروع الأمثلة في البطولة والفداء وتقدمت رغم جراحها لنصرة القدس والأقصى في معركة سيف القدس واضعة بذلك الطوبة الأخيرة في بوابة قبر الحلم الصهيوني بانكسار غزة ومقاومتها.

وعلى الاحتلال أن يعي الدرس ويفهم أن غزة لن تكون الأنموذج الوحيد، وأن كل مدينة في فلسطين هي حصن عصيّ على الدمار، وأن كل محاولاته الغبية بفرض الجوع لن تجدي نفعاً وسيخرج له الأبطال من كل صوب.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)