عبد الله الشايجي يكتب: قمم السعودية الثلاث… ومحدودية سقف الشراكة مع الصين!

profile
  • clock 12 ديسمبر 2022, 2:55:10 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

لا شك أن صعود الصين التي وُصفت بالقوة الشبح لتصل إلى ثاني أكبر اقتصاد وبقدرات عسكرية ومالية وأكبر مستورد للطاقة ومنافس رئيسي لأمريكا في مجالات التجارة والتصنيع والتكنولوجيا وسباق التسلح الفضائي والتكنولوجي والمعلومات السحابية والرقمية وتكنولوجيا 5G و6G، والذكاء الصناعي، وحتى السباق إلى الفضاء، يجعل الصين عملاقاً صاعداً وقادماً بقوة بمشروع كوني طموح.
من الضروري فهم ووضع زيارة الرئيس الصيني تشي تشنغ بنغ إلى السعودية، ثالث زيارة خارجية منذ تفشي وباء كورونا قبل ثلاثة أعوام، ومشاركته بثلاث قمم ـ سعودية وخليجية وعربية، بصفة الصين الشريك التجاري الأول مع الدول الخليجية والدول العربية بما يخدم مصالح الطرفين في سياق شراكة الطاقة والاستثمارات والتنمية، بما تحتاجه، وتقدمه الصين في مجالات الأمن الناعم ومبادرة الصين عن الشراكة والمبادئ الخمسة في العلاقة مع الدول الشرق أوسطية. وذلك عبر مشروع الصين الكوني والطريق الواحد بتكلفة 8 تريليونات دولار لربط العالم براً عن طريق الحرير القديم وبحراً عبر قواعد عسكرية صينية تمتد عبر قارات العالم، وقعت 138 دولة مذكرات شراكة وتعاون مع الصين حتى عام 2020 في مشروعها العالمي الطموح.
كما يجب استحضار صراع القوى الكبرى لتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب يكون للصين وروسيا دور وبصمات، بمقاومة الهيمنة المطلقة للقوى والنظام الغربي بقيادة أمريكا، خاصة أن تقييم المؤسسات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية الأمريكية تؤكد منذ أكثر من عقد أن الصين تشكل أكبر تحد وتهديد نفوذ ومصالح أمريكا والهيمنة الأمريكية، بينما تمثل روسيا تحدي إشغال، لذلك تردد الصين وروسيا سردية تشكيل نظام عالمي أكثر عدالة. كررها الرئيس الصيني وأكثر من رئيس عربي في القمة العربية ـ الصينية الأولى التي عقدت في الرياض، وكذلك الرئيس الروسي بوتين.
طغى على مناقشات قمة مجموعة شنغهاي للتعاون 22 ـ تنديد روسيا ـ والصين «باختطاف وسعي أمريكا لإعادة النظام العالمي لنظام الأحادية القطبية، «بالاستفزازات» الأمريكية في تايوان. وأشاد بوتين بمراكز النفوذ الجديدة وبالتعاون بين أعضاء منظمة شنغهاي، بخلاف الدول الغربية التي تستند لمبادئ مجردة من أي أنانية». و«أشاد البيان الختامي بموقف الصين المتوازن بشأن الأزمة الأوكرانية»،(لا تنديد ولا تحالف استراتيجي) وانتقد البيان ما وصفه بمحاولات «خلق عالم أحادي القطبية»! وأكد الرئيس بوتين أن «روسيا والصين تدافعان بشكل مشترك لإقامة نظام عالمي عادل وديمقراطي ومتعدد الأقطاب» ورفض محاولات العودة لنظام عالمي أحادي القطبية لكونه نظاما سيئا للغاية، لا يناسب غالبية الدول».

تبقى أمريكا برغم المناكفات وتراجع ثقة حلفائها بها، الحليف الاستراتيجي والأمني الأول لدولنا!

تزامن مع مشاركة الرئيس الصيني في قمم السعودية، تكرار الرئيس بوتين انتقاده واتهامه أمريكا بسعيها للهيمنة العالمية، باستخدام القوة والعقوبات ما يزيد من فرص النزاعات». طبعاً بوتين لا يرى حربه وضمه أجزاء من أوكرانيا بما يخالف القانون الدولي ويزيد من عدم الاستقرار والفوضى.
على دول المنطقة فهم واستيعاب العقيدة الصينية من تلك الأهداف والسياقات لاستيعاب أفضل وأشمل لمقاربة علاقة الصين مع دولنا. بعيداً عن قضايا حقوق الإنسان وحقوق مسلمي الإيغور والصمت عن تفشي وخطر وباء كورونا، وغيرها من الملفات الخلافية.
ستبقى الصين الحليف والشريك التجاري والاستثماري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي بشراكة الطاقة ومبادرة الحزام والطريق الواحد والاستثمارات، لتعزيز مصالح الطرفين، دون استفزاز أمريكا! وهذا ما أكد عليه الرئيس الصيني الذي شارك في قمم السعودية الثلاث. ما يؤكد محورية وأهمية منطقة الخليج العربي ودول مجلس التعاون الخليجي واهتمام الصين بمنطقتنا، مصدر الطاقة الرئيسي.
قدم الرئيس الصين عدة مبادرات في القمم الثلاث واستعرض برنامجا طموحا وتشكيل مجلس استثمار صيني ـ خليجي. وأكد دعم الصين الثابت لدول مجلس التعاون والتعاون الدفاعي لتحافظ على أمنها واستقرارها. لكن المطلوب كما ذكر ولي العهد ورئيس وزراء السعودية الأمير محمد بن سلمان، رفع مستوى التعاون مع الصين نحو مرحلة جديدة من الشراكة. وإنشاء منطقة تجارة حرة خليجية ـ صينية.
وأشار الرئيس الصيني إقامة 17 آلية تعاون بين الصين والدول العربية ضمن مشروع الحزام والطريق الواحد. وارتفع حجم التبادلات التجارية بين الصين والعالم العربي 300 مليار دولار خلال 10 سنوات. ما رفع مستوى التعاون مع الصين نحو مرحلة جديدة من الشراكة.
ورفض الرئيس الصيني الهيمنة والتدخلات الخارجية (أمريكا) والإسلاموفوبيا، وأكد الحاجة للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ودعم حل عادل وعاجل للقضية الفلسطينية، وبدعم قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على حدود 4 يونيو 1967. وهذه مواقف يرحب العرب بها.
لذلك غير مستغرب تحذير دراسات مجلس الاستخبارات الأمريكي غير السرية بشكل دوري، أن الصين تشكل أكبر تحد وتهديد على المدى الطويل للهيمنة والمصالح الأمريكية. وقد أوضحت مديرة مجلس الاستخبارات الوطنية ـ NIC ـ أفريل هينز للجنة الاستخبارات في الكونغرس: تشكل الصين وروسيا أكبر تهديدين للأمن الوطني الأمريكي. ووصلت الصين لمستوى المنافسة (Peer) وتهدد أمريكا في مجالات (الأمن والدفاع والقدرات العسكرية والتكنولوجية والسيبرانية والفضائية).
عقيدة الرئيس تشي صياغة وتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب بدعم روسيا، يرسخ تحول الصين لقوة عظمى فيما أصفه «المستبد الناجح»! بقبول نموذج الصين الاشتراكي الشمولي عالمياً. لكن برغم ذلك، وواقعياً وعملاتياً ليس باستطاعة الصين وروسيا ملء فراغ الانكفاء الأمريكي الأمني خليجياً وإقليمياً. خاصة بعد تحالف الصين وتوقيع اتفاقية ربع القرن باستثمار 400 مليار دولار مع إيران العالم الماضي! بالمقارنة مع مجمل الاتفاقيات الموقعة مع السعودية، لا تتجاوز 30 مليار دولار! كما لا تملك الصين وروسيا قدرات الانتشار والقواعد العسكرية، ولا الرغبة بتحدي أمريكا في مناطق نفوذها الاستراتيجية! لذلك تبقى أمريكا برغم المناكفات وتراجع ثقة حلفائها بها، الحليف الاستراتيجي والأمني الأول لدولنا!


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)