آفي غيل يكتب: خيار آيزنكوت المحبط

profile
  • clock 16 أغسطس 2022, 5:16:19 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

هآرتس

انضمام غادي آيزنكوت لبني غانتس وجدعون ساعر هو تعبير مدوي آخر على عجز اسرائيل الاستراتيجي. بالتحديد لأن الامر يتعلق بشخص له امكانيات كثيرة وذكي وقيمي فان يوم دخوله الى السياسة الاسرائيلية تسبب بالإحباط. منذ تسرح ايزنكوت من الجيش فقد قام بتقديم تحليل بليغ للتحديات الاستراتيجية التي تواجهها اسرائيل. فقد وضع القضية الفلسطينية في مركز الصدارة عندما قال "أنا لست بحاجة لأن اكون عبقري عظيم من اجل فهم معنى اندماج ملايين الفلسطينيين في اوساطنا... يجب تغيير الواقع لأنه يقود الى دولة واحدة، التي هي دمار لحلم الصهيونية". ولكن الآن ايزنكوت قرر الانضمام الى إطار سياسي شرط وجوده هو عدم تغيير الواقع الذي خشي منه. في اوساط اصدقاءه في الحزب يوجد سياسيون يرفضون تماما موقفه من القضية الفلسطينية. ساعر ومتان كهانا وزئيف الكين لا يخفون حقيقة أنهم لن يدعموا أي مبادرة سياسية تنبع من تحليلاته. وهم ايضا غير متأثرين من تحذيراته بأن اسرائيل تنزلق نحو واقع الدولة ثنائية القومية.

الصيغة التي تسمح بتجمع اصحاب مواقف سياسية متناقضة تحت سقف سياسي واحد هي عدم اتخاذ قرار وتقديس الوضع الراهن. ولكن عدم اتخاذ قرار هو قرار مثل كل القرارات، وتداعياته خطيرة. هكذا ايضا الوضع الراهن الذي هو ليس سوى شعار كاذب يفيد من يؤيدون الضم. في ظل غياب التقدم نحو اتفاق سياسي فان المنطقة الموجودة بين البحر والنهر ستتحول بالتدريج الى فضاء لا يمكن تقسيمه. اسرائيل تنزلق نحو الكابوس الذي يحذر منه ايزنكوت، وهو واقع الدولة ثنائية القومية التي تهدد الطابع اليهودي. تذكير لهذا ظهر في الاستطلاع الذي اجراه معهد واشنطن، والذي يشير الى عملية "اعتدال" مواقف سكان شرقي القدس العرب. 63 في المئة من المستطلعين يتفقون مع مقولة "كان من الافضل لنا لو أننا كنا جزء من اسرائيل بدلا من السلطة الفلسطينية أو المنطقة الخاضعة لحماس". طبقا لذلك، في شرقي القدس تظهر بوادر انتظام للمشاركة في الانتخابات للبلدية في تشرين الاول 2023. وتجاهل برميل البارود الذي يوجد على بابنا يزداد على خلفية ضعف وفساد وانقسام الفلسطينيين. ايزنكوت حذر ايضا من أن الهدوء النسبي هو هدوء مؤقت، "السؤال ليس هل سيكون هناك اندلاع آخر، بل متى... من الواضح أن ذلك سيحدث. لا توجد أي احتمالية لأن لا يحدث ذلك، في الوقت والمكان الاقل راحة بالنسبة لنا". ولكن منطق "المعسكر الرسمي" الذي انضم اليه ايزنكوت يمنع القيام بمبادرة سياسية مهمة. لأن القيادة الفلسطينية التي ستبرز بعد ذهاب أبو مازن لا تمثل أي أفق سياسي يمكنه أن يشكل البديل للتدهور العنيف الذي يتوقعه.

آيزنكوت حذر ايضا من امكانية "الوصول، رغم ارادتنا، الى حل الدولة الواحدة. وهذا سيكون كارثة". هو يحذر من أنه في ظل غياب سياسة فانه يتوقع أن "ننجر وراء احداث دون اتخاذ خطوات مهمة من اجل امننا ومستقبلنا". مع ذلك، هو ينضم الى حزب يلتزم بشلل سياسي. هو يحكم على نفسه بإحباط متواصل لأن شخص مثله لن يسقط في سحر الوضع الراهن وبادرات حسن النية الانسانية والوعود بسلام اقتصادي. يوم دخوله الى السياسة هو يوم محبط، لأن هذا الشخص، الاكثر وعدا والذي انتظر خارج الملعب على الخط، لم ينضم الى الجسم السياسي الذي كان يمكنه أن يرفع بتفاخر الراية السياسية التي يؤمن بها، ويصنع فيه الكثير.

في الواقع الاسرائيلي الذي فيه اغلبية الجمهور انجرت نحو اليمين فمن غير الغريب أن هذا الخيار يظهر ساذج. مهنة الاقناع واعداد النفوس تقتضي قوة في النفس واخلاص لسنوات طويلة. ومن غير المنطقي أن نشتكي من ذلك امام من خشي من ذلك. حتى الآن فان قرار ايزنكوت هو قرار محبط لأنه يعكس التسليم بواقع فيه اسرائيل تترك للآخرين تشكيل مستقبلها. العرب في القدس سيقررون كيف سيكون طابع عاصمة اسرائيل. والفلسطينيون سيقررون إذا كانوا سيطالبون بمساواة في الحقوق في دولة واحدة. الدول العظمى، في اعقاب سفك الدماء المتوقع، ستملي الاتفاق الدائم ونحن، بدلا من أن نسير الى الهدف الذي سيضمن الامن والطابع اليهودي لإسرائيل، سننتظر ما سيأتي ونحن في حالة شلل وبدون أي مبادرة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)