عبد الله الشايجي يكتب: هكذا سنتذكر كأس العالم في قطر

profile
  • clock 19 ديسمبر 2022, 3:53:36 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

بأسدال الستار على النسخة الثانية والعشرين لكأس العالم في كرة القدم في قطر أمس يكون الحلم أصبح حقيقة، بإنجاز تاريخي يضع قطر في مصافي الدول القليلة التي حققت إنجازات في استضافة البطولات الرياضية العالمية، وتضيف لإنجازاتها بطولات رياضية عالمية تضع قطر على خارطة العالم، تضاف لإنجازات قطر في مجالات أمن الطاقة والدبلوماسية النشطة وحل النزاعات وتقديم قطر نموذجاً ناجحاً يثبت أن الحجم لم يعد عائقا أمام الطموح.
نجحت قطر بشكل لافت في توظيف وصهر قوتها الناعمة خلال العقدين الماضيين في مجالات شتى لتكسر ما يعرف في العلاقات الدولية «عقدة المعضلة الأمنية» فلعبت مثل الكويت قبلها، دوراً يتجاوز قدراتها وحجمها كدولة ومجتمع صغير بقدرات محدودة في بيئة وإقليم صعب وسط جيران كبار بأطماع ومشاريع كبيرة. تمثل ذلك بالأزمة الخليجية وحصار وعزل قطر.
يُحسب لقطر الجرأة والقرار السياسي والتخطيط لتعزيز قوتها الناعمة باستغلال وتوظيف مصادرها الطبيعية وخاصة الغاز الذي حولته الى غاز مسال تشحنه لعشرات الدول، وتبرز لاعباً مسؤولاً ومؤثراً في أمن الطاقة خاصة بعد العقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا.
كذلك اتقان دبلوماسية الوساطات الناجحة بالتوسط لحل الخلافات العربية – العربية وغير العربية، وبجمع الأضداد من أمريكيين وإيرانيين وطالبان وأمريكيين تحت سقف واحد في الدوحة. وفي تقديم مساعدات تنموية، وبإطلاق قناة «الجزيرة» التي تسيدت الإعلام العربي منذ أكثر من ربع قرن. وكانت قناة الشعوب والجماهير بتبنيها ودفاعها عن القضايا العربية ومعها شبكة محطاتها على جميع المنصات. وكذلك شبكة «بي ان سبورت» الرائدة في بث مختلف أنواع الرياضة وامتلاكها الحقوق الحصرية لبث بطولة كأس العالم لكرة القدم الحالي والدوريات الأهم في العالم، ما عزز مكانة وحضور قطر إقليمياً ودولياً.
نجاح قطر باستضافة وبتميز أهم حدث رياضي عالمي، كأس العالم، هو إنجاز غير مسبوق لدولة خليجية وعربية وشرق أوسطية ومسلمة، ليعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو أن نسخة كأس العالم 22 في قطر هي الأنجح والأكثر حضوراً جماهيرياً إذ تجاوز عدد الحضور 3.27 مليون متفرج متقدمة على النسخة الأخيرة في روسيا عام 2018-وبأكثر مردود مالي.

سنتذكر دورة كأس العالم في قطر بإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة إذ أحيت وعرّفت العالم بها، وأثبتت حجم الهوة بين الشعوب العربية والأنظمة المطبّعة وغير المطبّعة

كما أشاد الكثيرون بحسن التنظيم وسلاسة الانتقال بين الملاعب كون نسخة كأس العالم في قطر هي الأولى التي تقام جميع مبارياتها في مدينة واحدة مما يتيح للجماهير سهولة التنقل لحضور أكثر من مباراة في اليوم الواحد. وكذلك كان لافتا حضور وإشادة الرئيس الفرنسي ماكرون بتنظيم قطر بطولة كأس العالم أثناء حضوره مباراة نصف النهائي التي فاز فيها منتخب فرنسا سندريلا المنتخبات المشاركة على منتخب «أسود الأطلس» المغربي بعد أداء بطولي مميز، كما علقت صحيفة لوس انجلس تايمز الأمريكية، إذ فاز على منتخبات ثلاث دول استعمارية أوروبية سابقة هي بلجيكا والبرتغال واختتمها بهزيمة منتخب إسبانيا. كان المنتخب المغربي نداً عنيداً لمنتخب فرنسا الذي فاز عليه بصعوبة وبالحظ برغم حرمان الحكم منتخب المغرب من ضربتي جزاء. في عقول وقلوب العرب لم يخسر منتخب المغرب الذي حقق انتصارات مبهرة وكبر معه حلم العرب بعد تأهله للمربع الذهبي بمدرب مغربي عربي وعلى أرض عربية.
سنتذكر كأس العالم في قطر بإنجازات وانتصارات المنتخبات العربية وفرحة الجماهير معها بتحقيق ما كان ينظر إليه قبل انطلاق المونديال بأنه من الخرافات. في المباراة الافتتاحية للمنتخب السعودي – هزم منتخب الأرجنتين بطل العالم مرتين والذي بلغ النهائي! كما هزم منتخب تونس الذي عانده الحظ منتخب فرنسا بطل العالم والمدافع عن لقبه.
سنتذكر، كعرب وخليجيين، أن كأس العالم في قطر وحدتنا كعرب ومنحت العرب مساحة وفرصة نادرة لنشعر بالفخر ونشجع المنتخبات العربية فكنا جميعنا قطريين وسعوديين وتونسيين ومغاربة شعرنا بالفخر والزهو واحتفلنا ورقصنا في سوق واقف، وفي درب لوسيل، وكتارا، وفي الرياض، وجدة، وتونس، والدار البيضاء، وطنجة، والقاهرة، وغزة، وبيروت، والكويت وغيرها.
سنتذكر دورة كأس العالم في قطر بإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة إذ أحيت وعرّفت العالم بها، وأثبتت حجم الهوة بين الشعوب العربية والأنظمة المطبّعة وغير المطبّعة، وأن موجة تطبيع الاتفاقات الإبراهيمية تخص الأنظمة وليس الشعوب التي رفعت علم فلسطين وارتدت الكوفية الفلسطينية. وكم سعدنا ونحن نرى صدمة الإسرائيليين وكم هم منبوذون ومرفوضون وغير مرحب بهم وسط الجماهير العربية التي صرخت وقرّعت الصحافيين والمراسلين الإسرائيليين الذي حضروا لتغطية كأس العالم في الدوحة. «لا توجد إسرائيل، بل فلسطين». وهذا انتصار بحد ذاته للحق الفلسطيني، أثبت أن فلسطين تبقى حية ومتوقدة في وجدان الشعوب العربية. وعبر وزير خارجية قطر لصحيفة واشنطن بوست بأن هذا يسعد قطر، وأن ذلك الرصيد والإنجازات، ما هي إلا بداية تعزز رؤية قطر 2030 بتنويع مصادر الدخل.
سنتذكر صِدام الحضارات في كأس العالم في قطر، بين من سعوا وفشلوا في فرض ثقافتهم الشاذة بالترويج للمثلية وشعاراتها وعلمها، وإصرار قطر والفيفا على رفض تسييس الرياضة والخضوع لابتزاز وزراء كوزيرة الداخلية الألمانية التي وضعت شارة المثليين، ووزيرة الرياضة الفرنسية التي أعلنت باستفزاز أنهم سوف يحتفلون إذا فاز منتخب فرنسا بكأس العالم برفع شارة المثليين. وكان معيباً وضع لاعبي منتخب ألمانيا الخاسر أيديهم على أفواههم بعد رفض السماح لهم بوضع شارة المثليين!
نحيي موقف قطر لثباته ورفضه البلطجة وفرض ثقافات دخيلة وشاذة والسماح بدخول المشجعين المساجد ليستمعوا لقراءة القرآن والأذان، ومتطوعات يقدمن للنساء الحجاب، للتعريف وتصحيح صورة الإسلام السلبية بنشر تعاليمه الوسطية السمحاء. لم يكن ذلك ليحدث لو كان كأس العالم في دولة أوروبية أو أمريكية أو لاتينية.
شكراً قطر أحسنتم وكفيتم ووفيتم.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)