عاموس هرئيل يكتب: مقتل أبو عاقلة: التحقيق العسكري لن يساعد إسرائيل في الخروج من المأزق

profile
  • clock 7 سبتمبر 2022, 5:01:26 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

اقتضى الأمر تقريباً أربعة أشهر، لكن نشر الجيش الإسرائيلي، أول من أمس، النتائج التي ظهرت منطقية جداً منذ اليوم التالي للحادث الذي قتلت فيه الصحافية شيرين أبو عاقلة في جنين. يعترف الجيش بأنه وباحتمالية عالية أُصيبت الصحافية الفلسطينية بالنار الإسرائيلية. حسب التحقيقات فإنه قبل وقت قصير من ذلك أطلقت النار من منطقة مجاورة للمكان الذي كانت فيه أبو عاقلة على قافلة سيارات عسكرية دخلت المدينة كجزء من عملية لاعتقال مطلوبين. أبلغ جندي من وحدة المستعربين "دفدفان" أنه لاحظ مسلحاً أطلق النار على القوة، وهو بدوره قام بفتح النار من مسافة 200 متر، وكما يبدو أصاب الصحافية.
استخدم الجندي بندقية قنص مزودة بمنظار، وكان يجلس في سيارة من نوع دافيد محصنة ضد الرصاص، وكان ينظر بالمنظار من خلال استخدام فتحة لإطلاق النار في السيارة. كان حقل رؤيته محدوداً، وقد عمل في المنطقة التي أُطلقت فيها نار شديدة نسبياً على قوات الجيش. ارتكز اطلاق النار، حسب سلسلة التحقيقات العسكرية، إلى خطأ في التشخيص. لم يخطئ الجندي الهدف، بل اعتقد أنه يوجه النار على الهدف الصحيح. كانت هذه أيضا تقاريره في شبكة الاتصالات قبل وبعد إطلاق النار.
كانت نتيجة الحدث مأساوية، لكن الخطأ نفسه حسب ادعاءات النيابة العسكرية لم يكن كبيراً جداً في مثل هذه الظروف. يمكن أن تحدث هذه الأمور تحت النار. مراسلون ومواطنون عاديون ممن لم تكن لهم علاقة بالقتال أصيبوا في السابق، في "المناطق" وفي ساحات أخرى في أرجاء العالم، في ظروف مشابهة جداً.
تستبعد التحقيقات كلياً إمكانية أن الجندي شخّص الصحافية وأطلق النار عليها بشكل متعمد. اكتفت المدعية العسكرية الأولى، الجنرال يفعات تومار يروشالمي، بذلك، وهي لا تعتقد أن نتائج التحقيقات تبرر فتح تحقيق في الشرطة العسكرية في القضية. استنتاجها هو أنه لم يتبلور هنا اشتباه بارتكاب عمل جنائي. أبقت التحقيقات، والمدعية العسكرية ايضا، امكانية ضئيلة لاحتمالية أن الصحافية اصيبت مع ذلك بنار فلسطينية. تحليل نطاق القوس وخطوط الرؤية والفيديو والصوت المسجل اثناء تبادل إطلاق النار، كل ذلك يشير الى الجندي، لكنه لا يستبعد السيناريو الثاني تماماً.
الرصاصة التي تم إخراجها من جثة أبو عاقلة ونقلت من الفلسطينيين لفحص أميركي – إسرائيلي بعد نقاشات كثيرة لم تساعد في بلورة النتائج. لم يصل الفحص البالستي الى نتائج قاطعة بسبب وضع الرصاصة. على أي حال، لن يتم اتخاذ أي خطوات، جنائية أو انضباطية، ضد أي من المتورطين من الجيش الإسرائيلي في الحادث.
هناك فجوة كبيرة بين هذه الاستنتاجات، مثلما عرضت، أول من أمس، على الإعلام، وبين سلسلة تحقيقات صحافية اجراها، الى جانب قناة "الجزيرة" التي عملت فيها الصحافية، عدة وسائل اعلام رائدة في العالم. كل ذلك اشار الى إسرائيل، تقريباً دون تحفظ أو أي علامات استفهام بأنها مسؤولية رئيسية عن موت أبو عاقلة. كان التحقيق العسكري شاملا وعميقا، واستند الى عدد كبير من الوسائل التكنولوجية التي لم تكن جميعها في متناول وسائل الإعلام.
حتى الآن يمكن الافتراض بأن الشكوك ستبقى قائمة. لن تراكم إسرائيل نقاطاً في الساحة الدولية حتى بعد عرض النتائج والاستنتاجات. وعدم التناظر الاساسي يعمل في غير صالحها. فالجيش عمل في جنين كقوة احتلال وداخل سكان مدنيين. أُصيبت المراسلة في الوقت الذي كانت تقوم فيه بعملها وهي لديها جنسية أميركية. لا يوجد أي شيء في العالم يمكن أن يخرج الجيش الإسرائيلي من هذه القصة.
في الجانب الثاني من المقياس توجد ردود الفعل الإسرائيلية. عندما تم نشر التقارير الأولية تعرض كثيرون في المستوى السياسي وحتى في وسائل الإعلام الإسرائيلية الى هجوم شديد. من غير المحتمل، تم الادعاء بحماس، أن يدنا قد سفكت هذا الدم. واذا كانت سفكت فما الذي يهم؟ لقد كان هناك من ذهبوا ابعد من ذلك وقالوا إن أبو عاقلة، كمراسلة لقناة "الجزيرة" ومن هنا كما يبدو كمؤيدة لـ "الارهاب"، هي المسؤولة الوحيدة عن موتها.
بعض هذه الردود ليست بعيدة كما يبدو عن مشاعر الجمهور السائدة. لا يوجد هنا حادثة اليئور ازاريا أخرى التي أطلق فيها جندي النار وقتل "مخرباً" مصاباً من مسافة قصيرة وأمام العدسات. عندما يدور الحديث عن جندي عمل اثناء تبادل لاطلاق النار وتحت الخطر، وعندما لا يوجد أي توثيق يظهر بأنه عرف بأنه يطلق النار على مواطنة لا علاقة لها بالقتال، فلن يكون هناك أي صبر للجمهور ازاء اجراء جنائي ضده. ورغم أنهم لم يعترفوا بذلك بشكل مباشر إلا أن هذه هي حقيقة معروفة جيداً لكل الذين لهم علاقة بالإجراء، المستوى السياسي والمستوى العسكري والنيابة العامة.
 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)