خلدون الشيخ يكتب: المال ليس السبب… لماذا وافق رونالدو على العرض السعودي؟

profile
  • clock 8 يناير 2023, 4:06:49 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

كانت ليلة من ألف ليلة وليلة، تلك التي عاشتها الجماهير السعودية ليلة الثلاثاء الماضي وما زالت الى اليوم بقدوم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الى الرياض للعب في نادي النصر.
حتى كريستيانو نفسه كان مندهشاً ومنبهراً من كل ما رآه من حوله، فهو لم يكن مجرد لاعب ينتقل الى ناد، بل هو “ميغا ستار” حصل على استقبال ملكي قل نظيره في عالم كرة القدم، فصوره انتشرت في كل مكان في شوارع الرياض ومعها كلمات “هلا رونالدو”، بل كان هناك موكب من ست سيارات أخذته الى أول حصة تدريب للفريق. وفي كل مكان ذهب اليه كان يتجمع من حوله المئات لتحيته والترحيب به، وربما كثير منهم من أنصار الأندية الأخرى غير النصر. المدهش أكثر ان هناك عدداً من المشجعين حول العالم، وبينهم بريطانيون، سافروا الى الرياض خصيصا لشراء قميص نادي النصر وعليه الرقم الشهير “7” ومشاهدة أولى مباريات “الدون” مع فريقه الجديد، بل كان هناك من أبدى استياءه من عدم القدرة على الحصول عن قميص نجمه المفضل، لأن عليه الانتظار 4 أو 5 أيام، لأن متجر نادي النصر لم يعد قادراً على تلبية كل الطلبات، حيث تردد أن هناك أكثر من 20 مليون طلب لاقتناء قميص النصر وعليه اسم رونالدو، وكأن النجم البرتغالي أحدث زلزالا في هذا البلد المتعطش لاستقبال النجوم… لكن من المستفيد الأكبر؟ ولماذا وافق رونالدو على النصر؟
من السهل الاجابة بأجوبة بديهية، لكن في الواقع هناك 3 وجوه لهذه المعادلة التي قادت النجم البرتغالي الى ممارسة مهنته في “مرسول بارك”. أولها من وجهة النظر السعودية باعتبار استقطاب رونالدو مطلباً قومياً تصب فوائده على الصعد الرياضية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية، فهو يندرج تحت رؤية 2030، التي تستند على نقل المملكة الى بلد عصري حديث تعكسه طموحات مواطنيه الشبان، فرغم المبلغ الخيالي المدفوع في صفقة ضم رونالدو، ورغم انها مجرد أرقام غير رسمية، وتردد أنه نصف مليار دولار، او 500 مليون دولار على مدى عامين ونصف العام، أي انه مبلغ خرافي لأي نجم كروي، فما بالك بلاعب بلغ 37 عاماً، كان جليس الاحتياطين في ناديه السابق مانشستر يونايتد ومنتخب بلاده في أكبر مسابقة عالمية في المونديال القطري، ومع ذلك فان المال ليس مشكلة للجانب السعودي، رغم تحقيق مداخيل تفوق التصور من بيع فقط قميصه رقم “7”، حتى ان البعض قال ان هذه المبيعات غطت تكلفة السنة الأولى لضمه. لكن الأهم للمملكة كان التركيز العالمي الهائل على حدث حفلة تقديم رونالدو وعلى الاهتمام الاعلامي الذي قاد مواقع صحف وقنوات مختصة الى نقل المراسم مباشرة وكأنه حفل افتتاح او ختام كأس العالم. كما تأمل بما قد يكون عليه لاحقاً ويصبح الدوري السعودي ذات اهتمام عالمي، وان يكون رونالدو وجهاً مشرقا ومحفزاً للسياحة السعودية وعاكساً لطبيعة البلد الحديث. وهذه مكتسبات لا تقدر بمال أو ثمن مطلقاً.
الآن وجهة النظر الثانية، المتعلقة بالصدمة التي أحدثتها الصفقة عند جيش أنصار رونالدو ومحبيه، الذين رأى عدد كبير منهم انها خطوة سلبية في تاريخ “الدون” الناصع البياض، وأنه لن يضيف شيئاً الى سجله مهما حقق او فاز بألقاب في الدوري السعودي أو دوري أبطال آسيا، وان سبب موافقته على اللعب في السعودية بدل اثبات خطأ رؤية مدربيه ايريك تن هاغ وفيرناندو سانتوس والقتال في بطولة أوروبية، هو الجشع المالي وسيلان اللعاب الذي أصابه من قيمة الصفقة، رغم انه مقتدر مادياً، بل هو من أثرى لاعبي كرة القدم، بل اعتبر البعض ان حصوله على نحو 50 مليون دولار سنوياً من حساباته في مواقع التواصل كافياً لتعوضه عن أي اغراءات مادية.
لكن الحقيقة تكمن في الوجه الثالث للقصة، وهي نظرة رونالدو نفسه الى هذه الفرصة، فلأنه صاحب شخصية نرجسية تعشق التفوق وتكره الخسارة، فان ما حصل معه في الشهور الماضية في مانشستر يونايتد وفشله في المخاطرة خلال الحوار التلفزيوني الشهير والذي بناه على أساس تألقه في المونديال، فان كل هذه الاخفاقات خدشت كبرياءه، بل كادت أن تحطمه نفسياً، خصوصا بتتويج ألد أعدائه ليونيل ميسي بكأس العالم، وخروجه باكياً من منافسات المونديال. ومع اعتبار كثيرين انه انتهى كروياً من أعلى الهرم، فان رغبته بان يحطم الأرقام ان كانت بتسجيل الاهداف او احراز الألقاب في الدوريات والأبطال وحتى في الكرة الذهبية، فانه وجد ضالته في أن يستعيد كبرياءه ويشبع غروره بلقب جديد، وهو “الأعلى أجراً في العالم”، وهو رد على كل المشككين بانه انتهى كروياً، ففي عقله الباطني اقتنع بأنه لا يوجد لاعب تنتهي خدماته يصبح الأعلى أجراً، فلا ميسي ولا نيمار ولا مبابي حصلوا على هذه المبالغ، والسبب انه ما زال الأفضل، ولا يزال في القمة، وهذا بكل بساطة أكثر قيمة وأهمية من المبلغ نفسه.

التعليقات (0)