ميدل إيست آي: هل تكون احتجاجات الأردن مقدمة لموجة ثانية من الربيع العربي؟

profile
  • clock 29 ديسمبر 2022, 6:21:18 م
  • eye 154
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

يشهد الأردن احتجاجات شعبية متصاعدة في مرحلة حساسة وخطيرة من تاريخ البلاد، ولا يمكن عزل ما يجري في المملكة عن الظروف والتوترات المتزايدة في المنطقة بأكملها، ما يعني أن هذه الاحتجاجات قد تكون مقدمة لموجة ثانية من الربيع العربي.

وبدأت هذه الموجة من الاحتجاجات بالإعلان عن إضراب سائقي الشاحنات، وسرعان ما شارك عمال النقل العام الآخرون. ويقول السائقون إن ارتفاع أسعار الوقود أدى إلى تآكل كبير في دخلهم، خاصة أن معظمهم ليسوا موظفين لكنهم يستأجرون المركبات من أصحابها الأصليين. 

وتعد الاحتجاجات الحالية محطة حرجة في تاريخ الأردن حيث إن مدن الجنوب التي تشهد موجة الغضب هذه هي نفسها التي شهدت "هبة أبريل/نيسان" عام 1989.

وقد أجبر ذلك الملك الراحل "الحسين بن طلال" على "التحول إلى الديمقراطية" وإجراء انتخابات ديمقراطية حرة في نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام، والتي انتهت بسيطرة حزب "الإخوان المسلمين" المعارض على ثلث البرلمان.

وكان جنوب الأردن نفسه قد شهد "انتفاضة الخبز" عام 1996، والتي انتهت بتراجع الحكومة عن قرار رفع سعر الخبز الذي يعد سلعة رئيسية للشعب الأردني، ثم أقال الملك "حسين" الحكومة لتهدئة الشارع الغاضب.

وتشكل الاحتجاجات الحالية تهديدًا أكبر للحكومة من الاضطرابات السابقة، حيث اتسعت الأزمة من إضراب عمالي إلى احتجاجات شعبية ودعوات إلى إضراب عام، استجاب لها كثيرون في المدن الجنوبية بسرعة وأغلقوا أبواب متاجرهم ومكاتبهم.

وأصبحت سلاسل التوريد في الأردن مهددة بسبب قطع الطرق بين ميناء العقبة والمدن الشمالية والوسطى - بما في ذلك العاصمة - وهي المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلاد.

وتجدر الإشارة إلى أن ميناء العقبة يقع في أقصى الجنوب هو الميناء الوحيد في البلاد والمنفذ الرئيسي للبضائع الداخلة إلى الأردن.

وتعد أسعار الوقود الحالية الأعلى في تاريخ البلاد، وتبرر الحكومة ذلك من خلال الادعاء بأنها مرتبطة بأسعار السوق العالمية، والتي قفزت جزئيًا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

لكن الأردنيين لم يعودوا يصدقون هذه التبريرات لأن الأسعار تستمر في الارتفاع دون أن تنخفض، على عكس حركة أسعار النفط العالمية.

على سبيل المثال، كان سعر برميل النفط (برنت) في مارس/آذار 2022، في الأسواق العالمية بين 100 و 110 دولار، وكان الأردنيون يشترون لتر البنزين بسعر 0.74 دينار (1.04 دولار)، بينما في ديسمبر/كانون الأول انخفض سعر برميل النفط ليصبح بين 75 و 80 دولار، لكن الأردنيين أصبحوا يشترون لتر البنزين بسعر 0.92 دينار (1.30 دولار).

وتعني هذه الأرقام أنه في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط العالمية بنسبة تصل إلى 30%، رفعت الحكومة الأردنية أسعار الوقود بنحو 25%.

وقد أعطى ذلك انطباعًا واسعًا لدى الناس في الأردن بأن الحكومة تحقق مكاسب مالية كبيرة من تجارة الوقود، بعد أن كانت تدعم هذه السلعة قبل بضع سنوات فقط وتوفرتها للناس بأقل من تكلفتها الحقيقية من أجل حمايتهم من الفقر والظروف السيئة.

وبالطبع، لا تقتصر الأزمة التي يعيشها الأردن على ارتفاع أسعار المحروقات، بل تمر المملكة بأزمة اقتصادية خانقة نتيجة الإجراءات القاسية التي اتخذتها السلطات لمواجهة الجائحة، والتي تضمنت فرض حظر تجوال شامل، بالإضافة إلى فرض قيود على السفر وإغلاق المطارات والحدود وكذا العديد من الشركات والمؤسسات التجارية.

وتفاقمت الأزمة أيضًا مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز والقمح والحبوب.

ونتيجة للأزمة الاقتصادية العامة، ارتفع معدل البطالة بشكل حاد في الأردن حيث وصل إلى 22.6% بشكل عام، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 50% بين الشباب، ما يعني أن شابًا من كل شابين لا يستطيع العثور على وظيفة أو مصدر دخل، كما أن معدلات البطالة والفقر آخذة في الارتفاع في المدن الجنوبية حتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، مما يفسر تركز الاحتجاجات في تلك المناطق.

بالتوازي مع ارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة المرتفعة، وصل الدين العام إلى مستوى قياسي كما إن العجز في الميزان التجاري مستمر في النمو. وأصبحت البلاد بحاجة إلى مزيد من العملات الأجنبية لتمويل احتياجاتها الأساسية، فيما فرضت ضرائب أكثر لتوفير الإيرادات المالية التي تحتاجها الدولة.

يبلغ الدين العام الأردني حاليًا حوالي 47 مليار دولار، ويشكل 106% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى في تاريخ البلاد. ومن المقرر أن تخصص الدولة 14% من موازنة 2023 لتغطية خدمة الدين والوفاء بالالتزامات المستحقة خلال العام.

وفي الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، ارتفع العجز في الميزان التجاري بنسبة 34.1% وبلغ 8.32 مليار دولار.

وأدت هذه الظروف إلى انفجار موجة الغضب الحالية، لكن الأمر الأهم هو أن هذه الظروف نفسها موجودة في أكثر من مكان في المنطقة، خاصة في مصر وتونس.

وتمر الدولتان بنفس الأزمات الاقتصادية، وتعاني أيضًا من ارتفاع معدلات البطالة والفقر والمديونية وارتفاع الأسعار، مما يعني أن أكثر من دولة في المنطقة العربية مرشحة لتوترات واحتجاجات جديدة.

وفي مصر، تضاعف الدين العام 3 مرات خلال السنوات العشر الماضية. وبحلول مارس/آذار 2022، وصل إلى 155.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 23 مليار دولار في عام واحد فقط.

وشهد الجنيه المصري مزيدا من الانخفاض، مما أدى إلى "جنون الأسعار" وزيادة معدلات الفقر مع تآكل القوة الشرائية للأفراد.

ولا تبدو تونس أفضل حالاً مع تدهور بياناتها الاقتصادية، سواء فيما يخص البطالة أو ارتفاع التكاليف أو ارتفاع الفقر أو الدين العام، الأمر الذي زاد من حالة التذمر والانتقاد رغم محاولة النظام إحكام قبضته الأمنية.

خلاصة القول أن ما يحدث في الأردن قد لا يكون موجة احتجاج عابرة، بل مقدمة لموجة غضب قد تجتاح المنطقة.

وقد يتسع الأمر إلى موجة ثانية من "الربيع العربي" الذي بدأ في تونس في أوائل عام 2011، مُظهِرًا رغبة شعبية واسعة في العالم العربي للتغيير، وأدى إلى سقوط 4 أنظمة عربية.

**لقراءة النص الأصلي Jordan's protests could be the second wave of an 'Arab Spring'

 

المصدر | محمد عايش/ ميدل إيست آي

كلمات دليلية
التعليقات (0)