كيف يخطط الحزبان الديمقراطي والجمهوري للفوز بانتخابات الكونجرس؟

profile
  • clock 5 أبريل 2022, 7:04:45 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

تستعد الولايات المتحدة لإجراء انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر القادم؛ حيث سيتم انتخاب جميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعداً، في الوقت الذي سيصوت فيه الناخبون لاختيار نحو 35 مقعداً بمجلس الشيوخ، منها مقعد متاح بسبب تقاعد السيناتور الجمهوري جيمس إينهوف. وفي ظل احتدام المنافسة بين الحزب الحاكم (الحزب الديمقراطي) للحفاظ على شعبيته الهشة بمجلسي الكونجرس، والجمهوريين الساعين إلى الفوز بأحد مجلسي الكونجرس أو كليهما في نوفمبر المقبل؛ تشير العديد من التقديرات الأمريكية إلى تقدم الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، مستندةً في ذلك إلى نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت تدني مستويات الرضا عن أداء الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس.

ركائز جمهورية

تستند استراتيجية الجمهوريين للفوز في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل على عدد من الركائز الرئيسية، يتمثل أبرزها فيما يأتي:

1– التركيز على الإخفاقات الداخلية للرئيس بايدن: يولي الأمريكيون اهتماماً كبيراً للقضايا المحلية، وخاصةً القضايا ذات الصلة بالاقتصاد، في وقت ارتفعت فيه معدلات التضخم إلى مستويات عالية لم يصل إليها الاقتصاد الأمريكي منذ ثلاثة عقود، وهي المعدلات التي أسهمت في زيادة أسعار المنتجات البترولية، ومواد البقالة. وإذا لم تنجح الإدارة الأمريكية في التعامل مع قضايا الاقتصاد، سيعمل الجمهوريون على تحويل انتخابات التجديد النصفي القادمة لتكون بمنزلة استفتاء على أداء الإدارة الأمريكية، كما صرَّح زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ “ميتش ماكونيل” بذلك؛ حيث أوضح أن الناخبين في انتخابات التجديد النصفي القادمة سيجعلون أصواتهم بمنزلة استفتاء على أداء الإدارة الأمريكية؛ لإعطاء رسالة إلى الحزب الحاكم (الحزب الديمقراطي) لتغيير سياساته الراهنة. وهذا يعني وجود فرصة أمام الجمهوريين لاستمالة ناخبي الوسط، والمستقلين، وأولئك الموجودين في الضواحي، والحاصلين على تعليم جامعي، ومَن ينتقدون أداء الحكومة الفيدرالية للتصويت لصالحهم.

2– تعطيل تمرير أجندة بايدن التشريعية: يحاول الديمقراطيون، مع قرب موعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، تمرير العديد من مشاريع القوانين على أجندة بايدن التشريعية، التي سيكون لها انعكاسات جانبية على الناخبين الأمريكيين. ولهذا يبذل الديمقراطيون جهوداً داخل الكونجرس لتمرير مشروع قانون إعادة البناء بشكل أفضل، الذي سيُساهم في إعادة تشكيل شبكة الأمان الاجتماعي الأمريكية على مستويات عدة تشمل الرعاية الصحية الموسعة، وبرامج ما قبل الروضة للأطفال، وبرامج المناخ. وفي المقابل، يعارض الجمهوريون هذا القانون، مشيرين إلى أنه سيتسبب في ارتفاع مستويات التضخم، لا سيما أنه سيُسهم في إنفاق تريليونات الدولارات. وفي حال فشل الديمقراطيين في تمرير هذا القانون فإن الجمهوريين قد ينجحون في كسب المزيد من المقاعد داخل الكونجرس في عام 2022.

3– استغلال إخفاقات السياسة الخارجية لإدارة بايدن: سيستغل الجمهوريون الانسحاب المأساوي الأمريكي من أفغانستان في أغسطس الماضي الذي أفضى إلى عودة سيطرة حركة طالبان على الحكم، وزيادة التخوفات المتعلقة بعودة انتشار التنظيمات الإرهابية وتهديد أمن الولايات المتحدة، فضلاً عن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، وتهديد روسيا لواشنطن وحلفائها بأنها لن تقبل بوجود قوات الناتو في الدول المجاورة لأفغانستان في آسيا الوسطى، مشيرين إلى أن التوغل الروسي والتهديدات المتزايدة ربما تعكس تراجع قوة وهيمنة الولايات المتحدة العالمية بسبب سياسات الرئيس جو بايدن.

4– البناء على النجاحات الجمهورية المحدودة: تمكن الجمهوريون، خلال شهر نوفمبر 2021، من الفوز بمقاعد بعض المناصب، مثل منصب رئيس البلدية داخل بعض المقاطعات التي كانت يسيطر عليها الديمقراطيون، مثل مقاطعة ناسو التي فاز بها باراك أوباما وهيلاري كلينتون وجو بايدن في الانتخابات الرئاسة 2012، و2016، و2020، وكذا المجلس التشريعي داخل مقاطعة سوفولك في مدينة نيويورك لأول مرة منذ سنوات، مستغلين في ذلك قضية الضرائب التي يرغب الرئيس جو بايدن في رفعها على الأغنياء، التي ستساهم –من وجهة نظر الجمهوريين– في رفع الأسعار داخل الولايات المتحدة، وفي خسارة الولايات المتحدة ملايين من الوظائف الأمريكية، وزيادة الاعتماد على البرامج الحكومية، والفوز بحاكم ولاية فيرجينيا.

5– ميل الجمهوريين إلى إجراء “تطهير حزبي” داخلي: إذا توجه الجمهوريون لتطبيق فكرة مارك ميدوز عضو الكونجرس الجمهوري السابق عن ولاية كارولينا الشمالية وآخر رئيس لموظفي الرئيس السابق دونالد ترامب، بدعم الرئيس ترامب ليكون عضواً في مجلس النواب، ثم رئيساً للمجلس؛ فإن ذلك من شأنه أن يضعف فرص اكتساحهم انتخابات التجديد النصفي، والفوز بالأغلبية؛ حيث ستكون النتائج متعادلة، وسيصعب عليهم الفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ، كما أنهم سيهددون فرص فوز الجمهوريين الوسطيين الذين صوتوا لصالح مشروع قانون البنية التحتية للرئيس بايدن، الذي يُفيد مقاطعاتهم؛ لذلك يحتاج الجمهوريون إلى إجراء عمليات “تطهير” داخل الحزب الذي يجب أن يكون “حزباً وطنيّاً لا كتلة أيديولوجية” قبل انتخابات نوفمبر 2022، وألا يركزوا على انتقاد بايدن وفريقه إذا أردوا كسب ثقة الناخبين بحسب رؤية العديد من الاستراتيجيين الجمهوريين.

تحركات ديمقراطية

في ظل مساعي الجمهوريين إلى استغلال نقاط الضعف لدى الديمقراطيين، فإنهم يسعون للحفاظ على أغلبيتهم داخل مجلسي الشيوخ والنواب. وفي ضوء ذلك فإنهم يخطون عدداً من الخطوات يتمثل أهمها فيما يأتي:

1– استغلال النجاح في مختلف الملفات: تسعى الإدارة الأمريكية إلى الترويج للملفات التي نجحت في التعامل معها، وعلى رأسها ملف الجائحة؛ حيث ارتفعت معدلات التطعيم داخل الولايات المتحدة، وتراجعت معدلات الإصابات بالفيروس بين المواطنين، وأتيحت سبل متنوعة للمواطنين لمساعدتهم على التغلب على الفيروس والعودة إلى الحياة الطبيعية، بما في ذلك إتاحة الاختبارات المجانية وأقنعة الوجه، وتوفير منافذ لتطعيم المواطنين واختبارهم في مختلف الأنحاء، وهي الملفات التي كان آخرها الإعلان عن تدشين موقع إلكتروني سيكون بمنزلة “متجر شامل” لكل ما يتعلق بأدوات مكافحة الفيروس. وعلى صعيد آخر،نجحت الإدارة في تمرير أجندة البنية التحتية من الحزبَيْن، التي تسهم في توفير فرص عمل، وفي تجديد البنية التحتية الأمريكية المتهالكة، كما أن خطة الإنقاذ الأمريكية التي تم تمريرها سابقاً، قد ساهمت في دعم جهود الإدارة في تطعيم المواطنين، كما ساهمت في التخفيف اقتصاديّاً على العائلات الأمريكية؛ ما ساهم في رفع معدلات تأييد الرئيس بايدن خلال الصيف المنصرم، وهي أمور يتم استغلالها بتعظيم مكاسبهم في الانتخابات القادمة.

2– تأجيج المخاوف من عودة ترامب: يسعى الديمقراطيون إلى تخويف المواطنين من احتمالية عودة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم إذا صوتوا لصالح الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي القادمة، مشيرين في ذلك إلى الإخفاقات المختلفة للرئيس ترامب في مختلف القضايا، بما في ذلك قضايا العلاقات الخارجية، وتقويض التحالفات الأمريكية الخارجية، فضلاً عن إخفاقه في التعامل مع الجائحة، وكبح انتشار فيروس كورونا، واستهانته به في البداية.

3– تمرير مشروعات قوانين تغازل الناخبين: يسعى الديمقراطيون إلى تمرير مشاريع القوانين التي ستساعد في منح المواطنين إجازة مدفوعة الأجر، وستساعد في دعم برامج رعاية المسنين، وهي أمور ستنعكس على ملايين الأسر الأمريكية إيجاباً؛ لذلك قد يميل الناخبون إلى التصويت لصالح الديمقراطيين الذين يسعون حثيثاً لدعم العائلات الأمريكية العاملة. وبما أن الانتخابات لا تزال في نوفمبر، فهذا يعني أنه لا يزال هناك نحو ثمانية أشهر على الانتخابات، بما يمثل فرصة أمام الديمقراطيين لتعزيز إنجازاتهم والترويج لها.

4– ضعف فرص الجمهوريين في بعض المناطق: يحتاج الجمهوريون إلى العمل كثيراً داخل بعض المناطق التي يسيطرون على مقاعدها في مجلس النواب، ولكن بشكل هامشي، وهو الأمر الذي يمثل فرصة أمام الديمقراطيين لاستغلال الأمر، والسيطرة على تلك المقاعد مقابل المقاعد الثلاثة عشرة التي خسروها في انتخابات عام 2020، كما أن توجُّه محاكم بعض الولايات إلى تقليص أو إلغاء خطط إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية التي كانت ستصب في صالح الجمهوريين، ستكون في مصلحة الديمقراطيين حاليّاً، كما أن توجه بعض الولايات، على غرار ولاية نيويورك، لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية؛ ستُضيف ما يصل إلى ثلاثة مقاعد للديمقراطيين في مجلس النواب. وبالنسبة إلى مجلس الشيوخ، فإن الديمقراطيين بحاجة إلى الحفاظ على أربعة عشر مقعداً منها ثلاثة مقاعد فقط معرضة للخطر، في حين يدافع الجمهوريون عن واحد وعشرين مقعداً.

ختاماً، يحتاج الجمهوريون إلى بذل جهود كبيرة للتغلب على الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، وهو الأمر الذي ستقابله حملات مضادة من جانب الديمقراطيين الذين يسعون إلى الحفاظ على مقاعدهم، والحفاظ على أغلبية المقاعد داخل مجلسي الشيوخ والنواب؛ لضمان تمرير خطط الرئيس الأمريكي جو بايدن. وحتى لو توجه الجمهوريون للعب على إخفاقات الإدارة الأمريكية الراهنة، فإن بقاء ثمانية أشهر على الانتخابات يخلق فرصاً أمام الديمقراطيين الذين قد يعكسون النتيجة النهائية، خاصةً إذا توجه الجمهوريون داخل الحزب إلى دعم المرشحين اليمنيين، وتخلَّوا عن مرشحي الوسط اللازمين للفوز في الانتخابات.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)