استراتيجية الصين للسيطرة على الجزر والأنهار في آسيا

profile
  • clock 6 أبريل 2022, 8:08:21 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

عرض: إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

تسعى الصين إلى تعزيز نفوذها البحري في مناطق مختلفة حول العالم لاسيما في جنوب شرق آسيا، باعتبار ذلك امتداد جغرافي مهم للأمن القومي الصيني، ولمواجهة أيّة محاولات لتمدُّد الخصوم في مناطق استراتيجية حيوية بالنسبة لبكين، وفي ضوء هذا يمكن استعراض وتحليل المظاهر المختلفة لتنامي نفوذ الصين في منطقة جنوب شرق آسيا، حيث نشر موقع “إيكونوميست” تقريراً بعنوان “الصين تجد طريقاً إلى جزر سليمان”؛ كما نشر موقع “فورين بوليسي”، تقريراً بعنوان “الصين تخنق أهم أنهار آسيا”. ويُمكن استعراض أبرز ما جاء فيهما على النحو الآتي:

1– توقيع اتفاق أمني بين جزر سليمان والصين مؤخراً: بحسب التقرير، كان لافتاً إعلان رئيس وزراء جزر سليمان “منسي سوجافاري”، في 29 مارس الماضي، التوصل إلى اتفاق أمني مع الصين، يتيح وصول أفراد عسكريين وعناصر شرطة صينية و”زيارات سفن” من أجل “حماية سلامة الأفراد الصينيين والمشاريع الكبرى في جزر سليمان”. وبالفعل بدأت الصين في تدريب القوة المحلية على مكافحة أعمال الشغب، بعد سنوات من تحمّل أستراليا ونيوزيلندا المسؤولية الأساسية للتعامل مع الاضطرابات في جُزر سليمان وإصلاح قوة الشرطة هناك.

2– تنامي النفوذ السياسي والاقتصادي الصيني في جزر سُليمان: وفقاً للتقرير، فإن توقيع الاتفاق الأمني يأتي في سياق تنامي دور الصين ونفوذها على نحو واضح في “جزر سليمان” التي حوَّلت الاعتراف الدبلوماسي من تايوان إلى الصين في عام 2019. ومنذ ذلك الحين بدأت الأخيرة تصلح منجم الذهب الوحيد في البلاد، واستولت على تمويل تايوان لـ”صناديق تنمية الدوائر الانتخابية” لنواب البرلمان، وبدأت شركة الهندسة المدنية الصينية المملوكة للدولة تبني ملعباً في “جُزر سليمان” لألعاب جنوب المحيط الهادئ في العام المقبل.

3– دعم بكين لـ”سوجافاري” لتحجيم دور أستراليا ونيوزيلندا: أشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء “سوجافاري”، الذي كان قد أمضى أربع فترات رئيساً للوزراء، كانت علاقاته فاترة منذ فترة طويلة مع أستراليا؛ حيث جاءت ولايته الثانية عقب أعمال شغب خطيرة وقعت في أبريل 2006، وخلال وجود بعثة المساعدة الإقليمية إلى جزر سليمان (RAMSI) التي استمرت 14 عاماً وشملت كذلك نيوزيلندا، وقد نجا مرة أخرى في ديسمبر الماضي من اقتراع لسحب الثقة، وبدا أن ذلك كان بفضل الأموال الصينية التي تم إنفاقها بسخاء على نواب البرلمان الموالين للحكومة.

4– وجود مقاومة محلية قوية لنفوذ الصين في جزر سُليمان: وفقاً لما ذكره التقرير، فإنه رغم نجاح الصين في توسيع دورها وتأثيرها في “جزر سليمان”، غير أن وجودها المتنامي قُوبل بمقاومة شديدة من حكومة مقاطعة “ماليتا”، الجزيرة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في جزر سليمان، التي يعد رئيس وزرائها الإقليمي “دانيال سويداني” أشد المعارضين علناً للنفوذ الصيني. وقد فشل “سوجافاري” في تنحيته؛ حيث خرجت في المقابل مسيرات داعمة لرئيس الوزراء الإقليمي، في العاصمة هونيارا، مطالبين بتنحي رئيس الوزراء نفسه. وأدَّت الاحتجاجات إلى أعمال شغب خطيرة، وتدمير معظم الحي التجاري في الحي الصيني، لتنشر أستراليا ونيوزيلندا وبابوا غينيا الجديدة وفيجي قواتها لحفظ السلام.

5– أهمية استراتيجية وإقليمية كبرى لنهر “ميكونج”: وفقاً للتقرير، ينحدر نهر “ميكونج” نحو 2700 ميل من منبعه في هضبة التبت المحاطة بالجبال إلى مصبه؛ حيث تتسرب دلتا فيتنام إلى بحر الصين الجنوبي. ويقع ما يقرب من نصف النهر في الصين؛ حيث يطلق عليه “لانسانج”، ومن هناك يتتبع نهر “ميكونج” المثلث الذهبي الذي يربط ميانمار وتايلاند ولاوس قبل أن يتعرج على طول حدود تايلاند ولاوس، ويتدفق إلى كمبوديا، ويتجه نحو فيتنام. وعلى طول الطريق، يُغذي هذا النهر العديد من الروافد الكبيرة والصغيرة على السواء، ويمتد حوض نهري تبلغ مساحته 300 ألف ميل مربع يوفر الأسماك والمياه العذبة والمغذيات والري لملايين الأشخاص في الدول التي يمر بها النهر.

6– تكثيف الصين بناء السدود للتحكم في مياه “ميكونج”: وفقاً للتقرير، يقع ثلاثة أرباع حوض نهر “ميكونج” جنوب الصين التي انطلقت منذ تسعينيات القرن الماضي في عمليات واسعة لبناء السدود؛ حيث يوجد الآن 11 سدّاً على المسار الأساسي لنهر “لانسانج”، والسد الثاني عشر قيد الإنشاء، والثالث عشر قيد التخطيط. وهذه السدود تؤثر، بلا شك، على هجرة الأسماك، وتمنع تدفق العديد من الأطنان من الطمي في اتجاه مجرى النهر، وهو أمر ضروري لنقل مغذيات التربة، والحماية من ملوحة مياه الدلتا. والأهم أن سدود “لانسانج” بها خزانات قادرة على استيعاب تريليونات الجالونات من المياه، وهو أمر يغير حوض “ميكونج” السفلي على نحو جذري وخطير.

7– سعي صيني إلى توظيف السيطرة على النهر سياسيّاً: وفقاً لما ذكره التقرير، فإنه رغم أن “لانسانج” يُسهم عادةً بجزء صغير فقط من تدفق المياه في اتجاه مجرى النهر – نحو 15% – فإن هذه النسبة ترتفع بحدة خلال موسم الجفاف؛ ما يتيح للصين، من خلال امتلاكها السيطرة الكاملة على السدود، قوة هائلة لممارسة الضغط السياسي على الدول القابعة في الحوض الجنوبي لنهر “ميكونج”؛ حيث عانت لاوس وتايلاند وكمبوديا وفيتنام من أسوأ جفاف منذ قرن في عام 2019، في الوقت الذي أعاقت فيه الصين كمية غير مسبوقة من المياه.

وختاماً، رغم أن هناك انتخابات أخرى تلوح في الأفق في عام 2023، لكن “سوجافاري” يريد تمديد الفترة البرلمانية ليمنح نفسه سنة إضافية، وقد ثبت أن هذا الاقتراح لا يحظى بشعبية كبيرة لدى سكان جزر سليمان. ولا تستطيع أستراليا ونيوزيلندا فعل الكثير حيال ذلك الأمر، رغم تمتعهما بنفوذ كبير في الدولة، وفق ما ذكر التقرير.

المصادر:

China makes inroads in the Solomon Islands, The Economist, April 2, 2022, Accessible at: https://www.economist.com/asia/2022/04/02/china-makes-inroads-in-the-solomon-islands

– Abby Seiff, China Is Choking Off Asia’s Most Important River, Foreign Policy, April 2, 2022, Accessible at: https://foreignpolicy.com/2022/04/02/china–is–choking–off–asias–most–important–river/

التعليقات (0)