إنتلجنس أونلاين و فايننشال تايمز يكتبان: الدائرة الحديدية: كيف تغيرت النخبة المقربة من الرئيس الصيني؟

profile
  • clock 26 يناير 2023, 5:26:09 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
google news تابعنا على جوجل نيوز

عرض: حنان نبيل

أسفر المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2022 عن قرارات تصب جميعها في صالح تعزيز سيطرة الرئيس الصيني “شي جين بينج” على الحزب؛ حيث حصل “شي” على ولاية رئاسية ثالثة غير مسبوقة، عبر تجديد ولايته أميناً عاماً للحزب الشيوعي الصيني لمدة خمس سنوات. وعلى الرغم من أن طبيعة النخبة المقربة من الرئيس “شي” غامضة نوعاً ما، بحكم حالة التعقيد في المشهد السياسي الصيني، فإن التطورات التي أعقبت المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي عبَّرت، إلى حد ما، عن بعض خصائص هذه النخبة. وفي هذا الإطار، نشر موقعا “إنتلجنس أونلاين”، و”فايننشال تايمز” تقريرَين حملا عنوان “يتشكل فصيل جديد حول شي جين بينج: زمرة تسينغهوا”، و”سياسة القصر الصيني: أنصار شي جين بينج يتنافسون على السلطة” على التوالي؛ وذلك يوم 25 يناير 2022. وقد حاول التقريران استعراض أبرز التغيرات التي شهدتها النخبة الصينية.

ولاء نخبوي

أكد التقريران أن أبرز السمات المعبرة عن النخبة الصينية، التي إن كانت تدين بالولاء للرئيس “شي” إلا أن ذلك لم يمنع من بروز تنافس بين تياراتها المختلفة على مرحلة ما بعد “شي”، وتتمثل فيما يلي:

1– تصعيد شخصيات تحظى بثقة “شي” في المناصب العليا: سيقوم الرئيس “شي”، خلال جلسة مشتركة مرتقبة للبرلمان الصيني والهيئة الاستشارية السياسية، بتأكيد مجموعة من التعيينات في المناصب العليا بالدولة. وتأتي معظم هذه التعيينات من الرجال الذين عرفهم “شي” منذ شبابه، أو المسؤولين الموثوق بهم الذين عمل معهم “شي” على مدى عقود في بداية حياته المهنية، بالإضافة إلى الشخصيات الصاعدة الذين أظهروا ولاءهم لأقوى زعيم في البلاد منذ “ماو تسي تونج”. وستكون التعيينات بمنزلة استكمال لتوطيد سلطة “شي”، في الوقت الذي يشرع فيه في فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة مدتها خمس سنوات زعيماً للحزب الشيوعي الصيني.

2– استعانة “شي” بزملاء الدراسة لشغل المناصب العليا: كذلك تشير التعيينات الجديدة إلى ظهور مجموعة جديدة من أتباع “شي” والموالين له؛ حيث يحيط الرئيس الصيني نفسه، بشكل متزايد، بمجموعة صغيرة من المسؤولين الذين درسوا في جامعته نفسها، وهي جامعة تسينغهوا التي تُشتهَر بعلاقاتها الوثيقة بالمؤسسات الأمنية الصينية وجيش التحرير الشعبي؛ فلقد أظهر “شي” بالفعل في مناسبات متعددة أنه يُفضِّل التعاون مع منظمين في مجموعات صغيرة يعرفها منذ فترة طويلة، بدلاً من موظفين أكثر خبرة.

ويُعتبَر “تشن شي“، الذي كان مديراً لقسم تنظيم الحزب الشيوعي الصيني في عام 2017، زعيم تيار تسينغهوا Tsinghua الجديد، الذي يضم الموالين لـ”شي” من جامعته في بكين؛ فعلى الرغم من أنه غادر المكتب السياسي بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر الماضي، فإنه لا يزال لدى “تشن شي” تأثير كبير على الرئيس؛ فلقد التحق بجامعة تسينغهوا في الوقت الذي درس فيه “شي جين بينج” فيها.

وبعد الانتهاء من درجة الماجستير، بقي “تشن شي” في الجامعة حتى أواخر الثمانينيات منسقاً لأنشطة رابطة الشباب الشيوعي، وكانت مشاركته في تلك الأنشطة أحد دوافع “شي” لاختياره لتنسيق هذا الفصيل الناشئ والقوي. وتضم هذه المجموعة أيضاً “لي جانجي” أمين الحزب السابق في شاندونج، و”تشين جينينج” سكرتير الحزب في شنجهاي والنائب السابق لعمدة بكين. ومن المتوقع أن يصبح “جانجي” قريباً الرئيس الجديد لقسم التنظيم في الحزب الشيوعي الصيني، بينما تم إرسال “جينينج” إلى شنجهاي ليحل محل رئيس مجلس الوزراء المستقبلي “لي تشيانج”.

3– تنافس تيارات النخبة دون الإضرار بسلطة الرئيس “شي”: من غير المرجح أن يواجه وضع “شي” وسلطته بصفته قائداً أعلى، أي تحديات من داخل كوادر الحزب الشيوعي الصيني، لكن المنافسة بين التيارات والمجموعات المقربة من “شي” بدأت في الظهور؛ وذلك على الرغم من أن السمة المميزة لقيادة “شي” على مدى السنوات العشر الماضية كانت هي مركزية صنع القرار؛ ما قلل تأثير القادة الكبار الآخرين. ورغم أن هذه المنافسة لا تُشكِّل أي تهديد لسيطرة “شي” القوية على السلطة، فإن هذه الفصائل ستتنافس مستقبلاً على السيطرة والنفوذ، وبطبيعة الحال من سيخلف “شي” في قمة الحزب.

4– انتشار جغرافي وقطاعي واجتماعي واسع للنخبة المقربة: وفقاً لـ”وو جو جوانج”، الذي عمل مستشاراً لرئيس الوزراء الصيني السابق “تشاو زيانج”، فإن هناك أربع مجموعات مهمة تشمل المسؤولين الذين عملوا مع “شي” في مقاطعات فوجيان وتشجيانج وشنجهاي، وكذلك شنشي المقاطعة الشمالية التي تتمتع عائلة “شي” بصلات عميقة معها. كذلك كشف “وو” عن خمس مجموعات أخرى، تضم مجموعة من المسؤولين من القطاعَين العسكري والصناعي، ومن لهم صلات بجامعة تسينغهوا المرموقة، وأعضاء مرتبطين بمدرسة الحزب المركزية، والعديد من المسؤولين الذين تربطهم صلات واضحة بزوجة الرئيس “شي”، “ليوان”، ومجموعة من قطاع الأمن.

ومن بين أنصار “شي” عندما كان حاكماً لمقاطعة فوجيان، “هي ليفنج” نائب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني منذ عام 2018، و”تساي تشي” رئيس الدعاية الجديد في الحزب الشيوعي، ووزير الأمن العام “وانج شياو هونج”. كما قام الخبير في سياسات النخبة في الصين بجامعة كاليفورنيا “فيكتور شيه” بتضييق نطاق المجموعات الأكثر أهميةً من المقربين إلى “شي”، وكان من بينهم من مقاطعة تشجيانج – التي كان “شي” رئيساً للحزب بها من عام 2002 حتى عام 2007 – “لي تشيانج” عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي والمرشح الأول لرئيس الوزراء الصيني المقبل. وهناك أيضاً رئيس الحزب الجديد في جوانجدونج “هوانج كونمينج”، ووزير أمن الدولة الجديد “تشن ييشين”.

صراعات حتمية

وختاماً، أكد التقريران أن شبكة العلاقات التي تجمع بين الرئيس “شي” والنخبة السياسية المقربة منه معقدة للغاية، وتُركِّز على معيار أساسي؛ هو الولاء والثقة للرئيس، وأشارا إلى أنه لهذا السبب يعتقد المحللون أن فهم الخلفيات والشخصيات والميول الأيديولوجية والتفضيلات السياسية والشبكات الشخصية لكبار مساعدي “شي”، أمر بالغ الأهمية لتوضيح عالم السياسة الصينية الغامض وغير المتوقع في كثير من الأحيان. وشدد التقريران على أن المنافسة بين التيارات الجديدة المقربة من الرئيس على السلطة في مرحلة ما بعد “شي” ستكون حتمية في السنوات القادمة؛ هذا بالإضافة إلى أن تغيير الأجيال سيؤجج أيضاً صراعات السلطة بين تلك التيارات الفرعية التي تتشكل الآن.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)